صحة
"المستشفيات السورية" ... كيف يستعد الأطباء لمواجهة كورونا؟.
الإثنين , 16/03/2020 05:10:00 PM  
كَتَّبَ : محمد خيري
نهاية الأسبوع المُنصرم، عمّت حالة من الارتباك داخل مستشفى دمشق المركزي الواقعة في العاصمة السورية؛ إذ هرول الجميع صوب غرفة إجراء تحاليل الـ"بي سي أر"، وذلك عقب الاشتباه في نحو عشرة سوريين بإصابتهم بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، فسُرعان ما تجهز الطبيب عروة محمد، لإجراء تلك الفحوصات لهم بنفسه، فيما اعتراته مشاعر مختلطة حاول-عبثًا السيطرة عليها.
قبل تلك الواقعة بأيام، وزير الصحة السوري نزار يازخي، أكد عدم وجود أيّ إصابات بفيروس كورونا داخل سوريا، غير أن عروة وأصدقائه الأطباء داخل مستشفى دمشق كانوا حريصين على متابعة جميع الأخبار الطبية والعلمية المُتعلقة بمواجهة ذاك الفيروس، لتوعية المواطنين وكذلك المرضى، إلى أن جاءهم هؤلاء العشرة المُشتبه بإصابتهم "كانوا يعانون من أعراض البرد، وتيقنا من ذلك بعد أن ثبتت سلبية التحاليل".
عروة كغيره من الأطباء السوريين المتواجدين في المناطق التي يسيطر عليها النظام، يتبع نفس الرواية الحكومية التي تؤكد عدم وجود أيّ مصابين بالفيروس، لكنه في الوقت نفسه على قانعة تامة بأن "عدم تسجيل أيّ إصابات بالفيروس لا يعني عدم وجود كورونا بسوريا"، وهو ما نشرته صحفية "دون" عن اكتشاف السلطات الباكستانية تسع حالات جديدة لمصابين بالفيروس من الوافدين الجدد إلى مطار كراتشي، ستة منهم كانوا في سوريا قبل وصولهم.
لذلك شدد الطبيب الثلاثيني، على زملائه اتباع كافة الإجراءات التي تقيهم من ذاك الفيروس "كارتداء ملابس واقية وقناع على العين، بالإضافة إلى التعقيم الدائم والنظافة الشخصية"، لتخرج هذه التعليمات إلى العامة من خلال بث مباشر عبر الانترنت؛ يظهرون فيه كأطباء لينصحوا المواطنين بها، لحمايتهم من الإصابة "أهم الشيء من وجود كورونا أو عدم وجوده هو الوقاية"، وهو ما دفعه للتواصل مباشرة مع أطباء وعلماء حول العالم للحديث حول طرق الوقاية من كورونا.
كان لأهمية طرق الوقاية هذه، أن تدفع زياد ساكر طالب امتياز طب، أن يلاحق استاذته داخل مستشفى طرطوس الجامعي، لسؤالهم حول كيفية حماية نفسه وأسرته ومرضاه من كورونا "كلهم أجمعوا على التعليمات العادية الخاصة بالنظافة الشخصية"، بالإضافة إلى الكمامات القماشية التي يواظب على ارتدائها سواء بالجامعة أو المستشفى أو حتى المنزل، رغم ارتفاع أسعارها إن وجدها "3500 ليرة، بينما كان سعرها قبل أسبوع 300 ليرة"، وذلك في ظل اختفاء الكمامات الجديدة التي وصل سعرها إلى 9500 ليرة، بعد أن كان سعرها قبل أيام لا يتجاوز 1000 ليرة.
قرار السلطات السورية بتعليق الدراسة بالمدارس والمعاهد والجامعات، لم يمنع زياد من الذهاب إلى محاضراته بالجامعة ودوامه بالمستشفى "القرار استثنى طلاب نهائي طب"، وهو ما شكل ضغطًا كبيرًا عليه من قِبل أسرته التي تقبع بالمنزل منذ أيام لا تخرج أو تدخل سوى للضرورة القصوى "خايفين من مخالطتي للأخرين خاصة بالمستشفى"، تلك التي يؤكد عدم لقائه فيها بأيّ مصابين بالفيروس حتى الآن، يُعزي ذلك إلى "أعراض المرض كتير مشابهة لأعراض البرد العادي، كما أن فترة حضانة المرض كبيرة".
رغم نفي كلا الطبيبين تعرضهم لحالات مصابة بكورونا سواء في دمشق أو طرطوس، تتواصل زوجة الطبيب سهيل عبد العظيم الذي يقيم في لبنان معه يوميًا، من أحد المستشفيات بمدينة حمص، لتعبر له عن مخاوفها الشديدة، جرّاء ورود حالات مصابة بالفيروس إليها، إلاّ أنها مُنعت من التعامل معهم "زوجتي طبيبة بالمستشفى، وورد عليها حالات كثيرة مصابة، لكن النظام شدد عليهم بعدم إخبارهم أو التعامل معهم"، بذريعة عدم إثارة القلق والبلبلة بالبلاد.
هذه التشديدات والإجراءات الأولية للنظام السوري جاءت في الوقت، الذي به قام المرصد السوري لحقوق الإنسان بنشر معلومات عن توثيقه 62 حالة لمصابين بفيروس كورونا في أربعة مدن سورية، دمشق وحمص واللاذقية وطرطوس، فيما أصدرت وزارة الصحة السورية بيانًا تنفي فيه تسجيل أيّ إصابة بالفيروس "ما عندي تفسير لقيام الحكومة بإنكار وجود مصابين بسوريا، العالم كله بيعلن بوضوح للسيطرة على تلك الأزمة ما عدا سوريا".
إحساس ثقيل جاثمًا على صدر الزوج المُقيم في بيروت، خوفًا على زوجته المُقيمة بالقرب من كورونا، لاسيما وأنه على دراية بأنه لا توجد في الوقت الراهن إجراءات حقيقية لحماية الأطباء أنفسهم من الإصابة سوى ارتدائهم الكمامات المُعتادة "كلشي بسير طبيعي هناك، عدد ساعات العمل والخروج والدخول، العالم عم تحمي نفسها بنفسها لأنهم عارفين أن الخطر قريب منهم".