صحافة الوطن
حكاية مهندس مصري حفر 3 آبار مياه في أوغندا على نفقته الخاصة.
الثلاثاء , 11/02/2020 06:41:00 PM  
كَتَّبَ : محمد خيري
من نافذته المُطلة على بعض برك المياه الغير صالحة للشرب، شَخّص المهندس "عصام جاد" بصره صوب الأطفال الذين يلتهمون مياهها بينما انكبت أمهاتهم على تعبئة أوانيهن منها، فتملكه ضيق كبير إزاء أوضاع سكان مقاطعة "كاليرو" الأوغندية؛ حيث أقام معهم لمدة عامين بالتمام أجبرته على الشعور بمسؤولية تجاههم، فلمعت في ذهنه فكرة سُرعان ما شرع في تنفيذها على نفقته الخاصة؛ وهي حفر بئر مياه في إحدى قرى المقاطعة الفقيرة.
قبل عامين، وَفّدَ عصام إلى أوغندا وتحديدًا إلى مدينة "جنجا"؛ ضمن بعثة وزارة الري المصرية المُشرفة على مشروعات تنمية المياه المشتركة بين البلدين، فتكونت بينه وأهالي القرى هناك علاقة وطيدة، جعلته يلمس مدى الأوضاع الصعبة التي يعانون منها خصوصًا في حصولهم على المياه "بيمشوا 10 و15 كم عشان يلاقوا برك المياه ويملوا جراكن منها بدون التأكد إذا كانت تنفع للشرب ولالأ" .
قبل انتهاء عمل البعثة بثلاثة أشهر، عزم عصام على ترك بصمة للأهالي يتذكرونه بها، فاهتدى إلى عمل شيء يستفيدون منه في حياتهم اليومية "قررت أحفر بير للأهالي يشربوا منه"، فاستعان بأصدقائه العارفين بالمناطق وأهلها "عرفت منهم أكتر منطقة محتاجة مياه"، فدلوه على قرية "نامويوا " الواقعة بمقاطعة "كاليرو" والتي تبعد عن مكان إقامته بنحو (80كم) "حياة الناس هناك صدمة.. بيزرعوا على المطر بس، وبياكلوا نباتات الشجر فقط"، فيما يقطعون العديد من الكيلومترات حتى يحصلون على شربة ماء غير معلوم مدى صلاحيتها للشرب.
عَمَد المهندس المصري إلى الانتهاء من جميع الإجراءات الروتينية من قِبل المسؤولين، للبدء في حفر البئر على أرض القرية الصغيرة التي يسكنها ما يقرب من (150 أسرة) "جبت مقاول وحدد مكان الحفر، وبدأ الحفر مع أهالي القرية"، تكفل هو بأجرهم، فيما تكفلت سيدات القرية بتوفير وجبة بسيطة لهم يوميًا "الناس كانت مبسوطة إن حد فكر يرحمهم من مشاوير كل يوم للبحث عن مياه".
على مدار أسبوعين كاملين، لم تتوقف أياد العمال عن الحفر والبناء، حتى جاءت اللحظة التي انتظرها أهالي القرية كما المهندس ابن محافظة سوهاج الذي دُعي من قِبل الأهالي لافتتاح البئر "صمموا أقول كلمة، وحضر مسؤولين المقاطعة وأصدقاء من البعثة"، فيما غُمر بمحبة كبرى من قِبل الأهالي الذين أمطروه بشكر ٍكبيرٍ على معروفه "حسسوني إني عملت لهم حاجة كبيرة"، فتملكته سعادة بالغة، لاسيما حين وضع علمي مصر وأوغندا بجانب بعضهما بعض على رأس البئر.
قبل رحيل الرجل صاحب الـ42 ربيعًا عن أوغندا، طلب منه ثلاثة من أصدقائه في مصر بحفر ثلاثة أبيار في ثلاث قرى مختلفة في حاجة لماء صالح للشرب "حسيت أن العمل اللي عملته كان له أثر مهم"، فنصاع لرغبة أصدقاءه عقب أن أرسلوا له المال "حفرنا في ثلاث مقاطعات مختلفة وبنأمل نحفر كمان"، رغم عودته إلى مصر "دول أفريقيا صاعدة وتستحق نكون هناك نساعد وندعم لأن الناس هناك في حاجة للمساعدة".