مقالات
لماذا رد الإمام شيخ الأزهر على رئيس جامعة القاهرة؟!
الأربعاء , 29/01/2020 05:24:00 PM  
كَتَّبَ : ماهر الحسينى
يوم أمس كان يوما عاصفا واستثنائيا؛ ففيه أعلنت "خيبة القرن" من رأس الشيطان الأكبر وطفله المدلل في منطقتنا المظلمة، وفيه شهدنا أيضا -ولأول مرة- حوارا لم يخلو من القوة والجرأة غير المسبوقة، ووقفة من إمام أقدم مؤسسة دينية وجامعة في العالم (الأزهر الشريف). أستطيع القول بأن سجال شيخ الأزهر مع رئيس جامعة القاهرة غطى على صفقة القرن!! ولما لا، وهي أول مرة نرى ونسمع فيها شيخ الأزهر محاججا، ليس كمسئول، ولكن كفقيه وعالم ومتخصص في أصول الفقه الإسلامي. بداية أشير هنا إلى أن شيخ الأزهر لم يبادر بالهجوم، فالبداية والجرأة كانت من رئيس جامعة القاهرة (فتح السدر)، الذي أشعل الحريق، وتحدث في أمور هي من صميم ديننا الإسلامي!، وفي مؤتمر إسلامي عالمي!، ومن على أرض مصر!، وفي حضرة إمام الأزهر الشريف! وكبار العلماء من مشارق الأرض ومغاربها!!! الأمر الآخر، هو أن رئيس جامعة القاهرة نفسه هو من دق الباب وفتح شهية النقاد، بل دعاهم إلى ذلك (زي ما بيقولوا جر شكل)، وقال فيما معناه لو كنت غلط ياريت حد يصححني؟! ولا يمكن لأحد أن يبادر بالتصحيح في حضرة إمام أقدم مؤسسة إسلامية عرفها العالم!! إذا، شيخ الأزهر، وكما شعرت، وجد الفرصة السانحة ليوصل عددا من الرسائل، والتي ربما انطوت على قدر من القسوة، ولكن في اعتقادي أنه استهدف مايلي: أولا: أن تصل الرسالة لكل من يهمه الأمر بأن الأزهر الشريف حي يرزق، وأن الأزهر عائد ليمارس دوره التاريخي كمنارة حافظت على الاسلام الوسطي لمئات السنين. ثانيا: أن شيخ الأزهر أراد أن يوصل رسالة بأن ما آلت إليه أوضاع الامة من تشرذم وتخلف، وتحولها إلى ما يشبه الفريسة (بدليل صفقة القرن)، لا يسأل عنه في المقام الأول رجال الدين ولا الأزهر (وهو هنا يرد على من يتهمون الدين ورجاله)، الذي تم تحييده وركنه لعشرات السنين، وإنما تسأل عنه الأنظمة وأهل السياسة، بعد أن انشغلوا لعشرات السنين بكراسيهم، وبتقزيم الأمة وإضعافها سياسا واقتصاديا وعلميا وصناعيا، بدليل حديث الإمام عن عجزنا عن تصنيع إطار السيارة! ثالثا: رئيس جامعة القاهرة يجسد أيضا رمزا كبيرا، وهو أقدم جامعة في مصر وفي المنطقة بأثرها، وربما كانت هناك مواقف وسلوكيات -ربما- لم تسعد الإمام فيما يخص الجامعة ورئيسها خلال الفترة الماضية وآخرها ما قيل في حضوره، ولهذا خرج رد الإمام بهذه القوة غير المعهودة أو المسبوقة. خلاصة القول، ما نفهمه وما نثق فيه، أن شيخ الأزهر داعم دعم كامل للجهود التي تشهدها مصر تحديدا، ولكن هذا لم يمنعه من اتخاذ موقف أو النقد، ليعي الجميع أن الأزهر الشريف حي يرزق، وليس من مصلحة الأمة بأثرها تحييده. وبالنسبة لي كإنسان مصري مسلم، سأكون في قمة السعادة بأن يعود الأزهر ليزهر ويضيء العالم ويقدم رسالته برقي وتحضر ومواكبة لمستجدات العصر بعد أن أغلق باب الاجتهاد. فالأزهر نفسه ومخرجاته ونظامه التعليمي لم يشهد تطورا حقيقيا لعقود! ولهذا فإن المنتَج الأزهري ليس في جودة منتجاته في عصوره الزاهرة. بالقطع كإنسان مسلم وببساطة شديدة، نحترم تراثنا واجتهادات من سبقونا، ولكنها ليست قرآنا منزل، فقد قيلت في ظروف تختلف كلية عما نحياه. لذا واجبنا أن نأخذ من تراثنا ما يعيننا على مواصلة الرحلة، والتفاعل مع مستجدات العصر، لقناعتي كمسلم بأن ديننا هو الدين الخاتم ومن ثم صالح لكل زمان ومكان، وهذا يستدعي إعادة فتح باب الاجتهاد لا ستيعاب مستجدات العصر. ختاما...لولا أن كانت المبادرة والشرارة خرجت من رئيس جامعة القاهرة لما تحدث شيخ الأزهر!! ولمضى المؤتمر في سلام وهدوء، شأنه شأن ما سبقه من مؤتمرات...والله أعلى وأعلم.