مرآه ومنوعات
ثقافة الأنا في طابور الحياة اليومية
الخميس , 05/03/2020 03:31:00 PM  
كَتَّبَ : محمد خيري
كتبت _ ياسمين رجب :
نحن تعودنا وارتضينا بهذا المسمى في جميع قضاء مصالحنا اليومية والحياتية والكل يقف به مرغما متحملا ما به من ألم أو تعب أو نصب حتى ينتهى من قضاء حاجته وينصرف وهو يتنهد تنهيدة تحمل كل معانى الصبر على المشقة ويتمتم بكلمات منها الحمد والشكر لله رب العالمين ومنها ما هو ناقم على ما يحدث دال الطابور أو خارجه ويدعو ربه ألا يعود مرة أخرى إلى مثل هذا الطابور وأن يغير حاله إلى أحسن حال وأن يقضى حاجته بسهولة ويسر دون الحاجة إليه أو يتمنى إن كان ولابد منه أن نتعلم ثقافته والحفاظ على نظامه .
• عندما تذهب لقضاء مصلحة ما من مصالحك اليومية فى أية مؤسسة لابد أن تجد الطابور حاضرا منذ الصباح الباكر فتنظر إليه من بعيد وكلما تقترب منه تتقدم بخطواتك وتأخر الأخرى ولكنك تحدث نفسك بصوت عالى هذا أمر لابد منه لم اقضى حاجتى من دون أن الحق به واصطف مع المصطفين واصبر حتى وإن طالت المدة ونفسك تتملك منها الحسرة والتعجب إلى متى سيظل هذا الطابور ملازم حياتنا إلى متى نتخلص من هذا الخيط الغليظ الذي تم نسجه بخيوط خشنة والوان لا تسر ويصدر أصوات لا تمييز بينها إن كانت من حلو اللسان أو من مرارته .
• وبرعم أننا ارتضينا بهذا الحال في كل أمور حياتنا اليومية إلا أننا نجد من يغرد خارج الطابور ويشق صفوفه ويتقدم إلى من بيده الأمر وبابتسامة خفية يقضى حاجته وينصرف
• وأخر يقف بعيدا وبنظرة إلى من بيده الأمر فتجده ينظر إليه ويقضى حاجته فورا
• وأخر يصدر صوت ما معلوم لمن بيده الأمر فيبتسم له ويقضى حاجته المتفق عليها
• وأخر تجد حاجته جاهزة من قبل أن يأتى وعند حضوره يأخذها وينصرف
• وأخر يأتى كالسهم وبلحظة تجده بالداخل أمام من بيده الأمر فيقضى حاجته وبعد السلام والشكر والعرفان ينصرف وهو ينظر إلى من بالطابور نظرة المنتصر
هذه أمثلة لمن يغردون خارج الطابور لما لهم من معرفة وواسطة ومحسوبية أو نوع من أنواع تبادل المصالح أو نوع من القرابة والصداقة كل هذا على مراى ومسمع كل من بالطابور وهم واقفين صامدين صابرين متحملين ولكن قلوبهم تتألم من سوء حظهم لعدم وجود معرفة لهم داخل المصلحة وأعينهم ذهب منها بريق الأمل في أن تقضى حاجاتهم بيسر وفي أقرب وقت وعندما يهم أحد منهم بالتحدث إلى من بيده الأمر ينظر إليه نظرة تجد بداخلها اللامبالاة وعدم التقدير لمن بالطابور حتى تعكس كل أنواع التعجب والشفقة والمسكنة داخل كل من بالطابور فيرتضى بالواقع وإلا ينصرف دون قضاء حاجته .
• هذا هو حال مجتمعنا وحال ثقافته في قضاء حاجاته ومصالحه لابد من المرور على هذا الطابور والوقوف به رغم مرارته وقسوته .
• ولكن لابد أن ينتهى أولئك الذين من بيدهم الأمر لقضاء حوائج الناس من أفعالهم الغير مبررة ومن الواسطة والمحسوبية لأقرانهم ومعارفهم ومحاسبهم وأقاربهم لأن هذه الأفعال تحمل كل الأنانية بين افراد المجتمع وتزرع داخلهم الحقد والغل والحسد وأن يتقوا نظرات المصطفين ودعواتهم عليهم وإن قبلت سوف تجعلك في غير هذا المكان ويتغير حالك إلى اسوء حال لا هيبة ولا قيمة لك ولأقرانك وسوف تندم على أفعالك وتعود حتما يوما ما تقف معهم بالطابور والكل ينظر إليك نظرة تحمل التعاطف على ما وصلت إليه ويتمتمون بكلمات وينظر كل منهم للأخر ويقول سبحان الله .
• لابد أن يتعلم من يغرد خارج الطابور أنه يحصل على حق غير حقه ويقضى حاجته على حساب أخر بالطابور يقف لفترات طويلة وأن يتجرد من حب الأنا ويعود إلى صفوف الطابور الذي أجبر أفراد المجتمع على الوقوف به فكن معهم ولا تكن عبئا عليهم من خلال المعرفة أو الواسطة لأنك منهم وليس على رأسك الريش كما يقول المثل الشعبى وتجنب دعوة ما تخرج من بين صفوف الطابور فتقبل فتغير حالك هذا إلى اسوء حال وأعلم أن الله قادر على أن يجعلك من بين صفوف الطابور وأنت مجبرا ولا تجد من يخرجك منه فالتحق بالركب ولا تكن من العاليين المتكبرين .
أتمنى أن نتخلص من هذه الثقافة الخبيثة بمجتمعنا وأن نرحم ونتعامل بشفافية فى قضاء حوائج الناس دون تمييز ولا أنانية حفاظا على التواصل بينهم بود وحب .